سنة أولى لندن
Written in Arabic by Mahmoud Omar
سنة أولى لندن. سنة كاملة. كنت سأقول: فصولٌ أربعة لولا أنّ الفارق بين الفصول، في لندن، ليس جديًا بالمرّة. فالشتاء هنا هو«المعلّم»، والصيف والخريف والربيع صبيانه الذين يرسلهم في مهمّات سريعة حيث يحب، ويعيدهم إلى بيت طاعته متى يحب.
لم تكن الطائرة التي حملتني من القاهرة مشغولة بكاملها. أتذكر أنّني حظيت بثلاثة مقاعد فارغة لي وحدي ولتوقعاتي وخططي للمدينة الجديدة التي رأيت منها، أوّل ما رأيت، نثارًا ضوئيًا أصفر يشبه أضواء مستوطنة «دوغيت» التي كثيرًا ما تأملتها في سهرات لعب الشدّة على السطح.
التقطت صورًا للمشهد القابع تحت الطائرة. المشهد المتمدد كجثّة. التقطت صورًا كثيرة وما زلت أقلّبها كلّما عَنَّ على بالي أن أنقّب في هاتفي المحمول. أتأملها: بساط أسود كبير، ونقاط ضوئيّة صفراء لا نهائيّة. لم أتجرّأ بعدُ على حذف هذه الصور حتى عندما أكون في أمسّ الحاجة، على هاتفي المحمول، إلى مزيد من «الذاكرة». أحذف صورًا أخرى وأشخاصًا آخرين. فلقد كانت هذه، على الرّغم من كلّ شيء، المرة الأولى التي أركب فيها طائرة في حياتي.
كان صباحي اللندنيّ الأوّل أبيض. أبيض بحقّ. رطبًا ومثبّتًا إلى الأرض ويمكن، لتوقيته، إمساكه باليدين. مشينا، حمزة وأنا، إلى محطّة المترو. قلت له: دعني قليلاً، أريد أن أتأكد أنني لا أمشي في صفحات رواية. إلى هذا الحدّ كنت مأخوذًا، وبماذا؟ بشارع عاديّ في إيست آكتون، واحدة من أبسط مناطق لندن وأقلّها جذبًا للسيّاح.
كانت تلك الجملة بندًا على فاتورة شحّ منسوب الدهشة في حياتي التي دفعتُها، صاغرًا، في أكثر من مناسبة. فأنا، كأجيال بأكملها، كنت أعتبر الذهاب من مخيّم جباليا إلى مدينة غزّة «رحلة» يجب الاستعداد لها والتخطيط وارتداء أفضل الملابس لعلّ واحدة من «بنات غزّة» المتوهجّات كنجم بعيد لا يمكن لمسه تقع في حبّي، أنا إبن المخيّم، من النظرة الأولى. لقد خالط هذا النوع من البؤس القويّ كثيرًا من سنوات العمر. أشعر، عندما أفكّر في ذلك، بالفداحة والتسليم. هذا ما كان، ولن يتغيّر.
ضحك حمزة على جملتي. ولو كان العالم يستمع إليّ في حينها، لكان لزامًا عليه أن يضحك. تمامًا مثلما أضحك أنا اليوم عندما أفكّر في تعامليّ العادي مع الشوارع، وعندما أتذكر ما حملته معي، قبل عام، إلى لندن. كنت أعتقد أنني «نجوت» من القاهرة، وربّما أكون قد نجوت منها فعلاً، لكنني لم أنج منّي، ومن لندن. أفكّر، بعد سنة أولى لندن، أنّ هذه المدينة لو كان لها أن تقول لي شيئًا واحدًا فلابد له أن يكون شيئًا من قبيل: ليس كما كنت تتوقعّ، أليس كذلك؟ ستقول ذلك ونصف ابتسامة صفراء على وجهها.
لقد غيّرت هذه السنة كثيرًا من الأشياء في رأسي. عبثت به مثلما كان يعبث جارنا أبو أحمد بمحرّكات السيارات في ورشته المفتوحة على الدوام، يمدّ يده في جوفها وينحني عليها فيظهر خيط مؤخرته من فوق بنطلون الجينز. يفكّ، ويركّب، ويشحّم، ويقطع، ويوصل، وينادي على الشغّيل لتجهيز الشّاي.
تخلّيت عن أفكار كثيرة، وفتحت الباب لأفكار جديدة. أشرت بيدي لها كي تدخل، ودللتها على طريق الصّالة. رحّبت بها ووضعت ضيافتها كاملة على الطاولة لعلمي أنّها ستمكث كثيرا. خسرت أشخاصًا، وكسبت أشخاصًا آخرين. حدث ذلك فجأة، في غمضة عين كما يقولون. الطبيعيّ أن يتبدّل الناس في حياة المرء، لكن هذا التبدل يحدث، عادةً، بهدوء، وعلى فترات. لكنه حدث معي مُكثفًا، ودون سابق إنذار. وما زلت أحتفظ، وأنا أودّع السنة الأولى في لندن، بكثير من خيبات الأمل، والتحفّظات، والنقمة، والغضب، والاعتذارات، والهواجس، لكنني لا أبدو جديًا في محاولة تصريفها.
أراكمها مثلما كانت تفعل جدّتي مع كلّ شيء. تضعه في صناديق وبراميل وعلب وترميه تحت بيت الدرج: سكّر، زيت، مخللات، دقيق، نحاسيّات، ملابس، وكلّ ما يمكن للمرء أن يتخيّله. «كلّه بيلزم»؛ كانت جدّتي تقول. أقول لنفسي الشيء ذاته كلّما صدف وقمت بزيارة تفقديّة إلى بيت درج حياتي.
وفي السنة الأولى، مرّت علي أيّام وُضعِت فيها كلُّ مُركّبات هويتي في حالة استنفار؛ لغتي، فلسطينيتي، غزّاويتي، لكنني أحسب أنني استطعت عبور الجسر، بشكل أو بآخر. لم أعبره سريعًا، ولم أعبره بمهارة. عبرته وأنا أمسك بجانبيه؛ أتشبّث كي لا أقع. أمشي ببطء؛ خطوة خطوة، في الطريق إلى الجهة الأخرى. الجهة الأكثر نضجًا.
والنضج هذا، كما كان أبي يقول، مرهونٌ بالبهدلة. ولقد ثبت لي قوله أيّما إثبات. كلّما تبهدل المرء، وكلّما شحّت عليه الموارد؛ ماديّة كانت أم عاطفيّة، كلما أُضطر إلى أن ينضج ويبدّل جلده بجلد أقسى، ويتمهّل أكثر قبل إبداء رأيه حول أيّ مسألة، كبيرة كانت أم صغيرة. ومع أنني لم أكن أريد لسنتي الأولى في لندن أن تكون سنة نضج، بل سنة لعب ومشاكسة وراحة، إلّا أنها كانت كذلك.
وفي سنتي الأولى عرفتُ الغربة. هذه المفردة التي كانت غريبةً عليّ حتى بعد ثلاث سنوات قضيتها في القاهرة. ليس ثمّة في القاهرة غربة. القاهرة فيها ازدحام، وفشل، وفوضى، ونهر، وأصحاب، وأغانٍ، وإيقاع حياة سريع. لكن لم يكن فيها، على الأقلّ بالنسبة لي، غربة كالتي سمعت عنها، طفلاً، في أحاديث عائليّة تختصّ بمن سافر من الأخوال والأعمام.
في لندن عرفتُ الغربة. وقد استغرق تعارفنا، وموعدنا الأوّل، بضعة أشهر. لابدّ أننا شربنا، معًا، مئات الفناجين من القهوة. لم نتحدث كثيرًا. قضينا الوقت نتأمّل بعضنا. بدت لي الغربة، أوّل ما بدت، شبحًا. لم أصدّق أنها موجودة. هذه الفكرة الكلاسيكيّة التي أنفر منها مثلما أنفر من الأدب الرديء.
ثمّ كيف أشعر بالغربة؟ لقد تركت المنزل، وأسلوب الحياة الخاص به، منذ سنين طويلة. تركت كلام الناس وضرورة مراعاته، وأسعار السجائر وارتفاعها، وأسلاك الكهرباء وانقطاعها. تركت غابة الاسمنت. تركت الغرف الضيّقة، والفصل بين الجنسين، والحدود المغلقة، وحفظ القرآن الإجباريّ، وطائرة الاستطلاع، والتديّن الزائف، والمتع المخبّأة. تركت كلّ هذا وذهبت بعيدًا عنه، في رأسي، حتى صار مجرّد نقطة في أفق بعيد.
لكنني شعرت بالغربة. هكذا، بكلّ تفاهة. واكتشفت أنّ كلّ ما تركته، لم يتركني. يتعلّق بي مثلما يتعلّق طفل جائع بوالدته. يطاردني ويجعلني أفكّر أنني لا أريد أن أرى العالم بقدر ما أريد أن أريه لأولئك الذين أحب.
لكن الانغماس في القراءة والتعلّم مكنني من تحجيم الإحساس بالغربة. كان هذا أيضًا علامة فارقة في السّنة الأولى. أن أقرأ ما أحب، وأن أدرس ما أحب، وأن أضع قدمي، أخيرًا على مسار أستطيع أن أواجه نفسي وأقول: لقد اخترته أنا، ولم يولد معي. ومع أنني كنت أتمنّى أن لا يكون المسار بالشاكلّة التفصيليّة التي هو عليها، لكنني تيقّنت أن المرء لا يحصل أبدًا على ما يريده بالضّبط – لا في العلم، ولا في العاطفة.
وفي سنتي الأولى مرّ الوقت كرصاصة، وشاهدت الملايين تركب الميترو بخطوة واحدة، وتخرج منه بخطوة واحدة،. رقصت، في سنتي الأولى، ساعات طويلة في نادٍ من ثلاث طوابق، وشاهدت المسيح يصلب في ترافالغار سكوير، ومشيت في شارع عمره أكثر من خمسة قرون، وجلست على طرف آيرلندا لأشاهد اسكتلندا على الطرف الآخر. وفي سنتي الأولى زرت اسطنبول وعمّان، ووقفت لأتأمّل أحيانًا بعض لمحات الجمال الحقيقيّة، والنادرة، التي تقدّمها لندن عندما تقرر أن تتخلى قليلاً، لدقائق، عن طابعها الميكانيكيّ.
وفي سنتي الأولى شعرت أنني لم أفعل شيئًا، ولم أبارح مطرحي. وفي سنتي الأولى شعرت بالبرد، والحبّ، والوحدة، وتحسّنت تحسنًا هائلًا في صنع الشكشوكة. وفي سنتي الأولى صرت عدوًا أفضل لمن يستحقّ عدواتي، وتأكدت من جهلي البنّاء، ومن كرهي للمجوّفين. وشتمت نفسي، والآخرين.
وفي سنتي الأولى، تساءلت مرارًا، وأنا أتأمل نزول المطر –مثلما أتأمله الآن يموّج زجاج نافذتي- عن منبع رغبتي الدائمة بالهرب. كأن رغبتي بالهرب نهر النيل! منذ سنوات طويلة وهي تجري ولا تنضب، ولا تتوقّف، ولا تلين.
(صيف ٢٠١٤)
© 2014 Mahmoud Omar
First year London. I would have written four seasons, were it not that the difference between the seasons in London was not serious at all. Winter here is the “boss”, and summer, fall and spring are all its apprentices whom it sends out on quick errands wherever it wants, and calls them back home obediently whenever it likes.
The seats in the airplane that took me from Cairo to London were not completely occupied. I remember I was able to get three seats all for myself and for my expectations and plans for the new city. The first thing I saw was a sprinkle of yellow lights somewhat like the lights of the Dogit settlement that I would often contemplate during nights spent playing cards on the roof. I took pictures of the scene that lay below the plane, stretching out like a corpse. I took many pictures and I still flip through them whenever I feel like rummaging through my cellphone. I contemplate them: a large black carpet, perforated by countless dots of yellow light. I have not had the heart to delete these pictures even when I desperately need more memory on my cellphone. I delete other photos and other people; after all, this was the first time in my life that I boarded a plane.
My first morning in London was white; literally white, moist and fastened to the ground, and given its timing it was possible to pick it up with both hands. We walked – Hamza and I – to the Tube station. Leave me alone for a bit, I told him. I want to make sure I’m not walking inside the pages of a novel. I was so captivated, and what with? A nondescript street in East Acton, one of the most ordinary neighborhoods in London and the least attractive to tourists.
Those words were another item on the bill of the shortage of surprises in my life that I had humbly paid on more than one occasion. I, along with entire generations, used to consider going from Jabaliya to Gaza City a “trip” that needed preparation, planning and putting on one’s best clothing, in the hope that perhaps one of “Gaza’s girls” that glittered like a distant star would fall in love with me at first sight, the guy from the refugee camp. This potent kind of despair has been part of many years of my life. When I think of it, I can recall the sense of helplessness and dread that would overtake me. This is how it was, and it would continue to be.
Hamza laughed at my comment. Had the world been listening to me at that moment, it would have been obliged to laugh as well. Just the way I laugh today when I think of how nonchalantly I deal with the streets, and when I remember what I brought with me to London one year ago. I believed then that I had “been rescued” from Cairo. Perhaps I really had been rescued from it, yet not from myself, nor from London. After the first year in London, I think that if this city could tell me one thing, it would have to be something in the spirit of: It isn’t what you were expecting, is it? She would say that with a grin on her face.
This year has changed many things in my mind. It has played around with it the way our neighbor Abu Ahmad used to tinker with car engines in his always-open workshop. He would bend over and stick his hand inside them, with the cleft of his rear end showing above his jeans. He would disassemble, reassemble, oil, disconnect, connect and call on his assistant to make tea.
I have abandoned many thoughts, and opened the door for new ones. I have gestured with my hand for them to enter and showed them the way to the salon. I welcomed them and offered them my full hospitality, as I know they will be staying for a while. I have lost people, and gained others. It happened suddenly, in the blink of an eye as they say. It is natural for people to be replaced by others in someone’s life, but usually this change happens gradually and over some time. With me, it happened rapidly in an intense way, and with no prior warning. As I bid my first year in London farewell, I still hold on to many disappointments, resentments, and apprehensions, but I do not seem to be serious about letting go of them.
I hoard them as my grandmother did with everything. She would store it in trunks, barrels and boxes and toss it in the stairwell – sugar, oil, pickles, flour, brass pots and pans, clothes and anything else one could imagine. “It all comes in handy,” she would say. I repeat the same thing to myself whenever I happen to pay a visit to the stairwell of my life.
In the first year, I went through days where all my elements were placed in a state of high alert: my language, my Palestinian identity, my Gazan identity. I think I have managed to cross the bridge, in one way or another. I did not cross it quickly, nor did I cross it skillfully. I crossed it while holding both sides, clinging on so that I would not fall. I walked slowly, one step at a time, on the way to the other side; the more mature side.
This maturity, as my father would say, is tied to being humiliated. And his words have proven to be correct. The more you are humiliated and the more your resources (whether material or emotional) become scarce, the more you are forced to mature and shed your skin for a tougher one, and pause longer before giving your opinion on any matter, big or small. So even though I wanted my first year in London to be a year of play, mischief and comfort, not a year of maturing, this is how it turned out in the end.
In my first year, I have come to know the meaning of the word exile, or what it is like to be a foreigner. This word itself was foreign to me even after the three years I spent in Cairo. There is no sense of foreignness in Cairo. Cairo has traffic jams, failure, chaos, the river, friends, songs and a fast-paced life. But it did not make me feel like a foreigner, like the stories I had heard as a child in family conversations about uncles who had migrated.
In London I have come to know the meaning of exile. It has taken several months for us to be introduced, and have our first date. We must have drunk hundreds of cups of coffee together. We did not speak much. We passed the time contemplating each other. This feeling seemed to me at first to be a ghost. I could not believe it was there, this typical idea that repels me the way bad literature repels me. And then how could I feel like an exilé? I left home and the lifestyle that comes with it many years ago. I left behind what people say and the need of heeding it, the price of cigarettes and how it is rising, and electrical wires being severed. I left the cement jungle, I left cramped rooms, separation between the sexes, closed borders, compulsory memorization of the Quran, reconnaissance planes, false displays of religiosity and hidden pleasures. I left all this and went far away from it until it became a distant dot in my mind’s horizon. And yet I feel like a stranger. Just like that, so banal of me. I have discovered that everything I left behind has not left me. It hunts me down and makes me think that I do not want to see the world as much as I want to show it to those who love me.
But immersing myself in reading enabled me to keep this feeling in check. This too has been a distinctive feature of my first year – to read what I like, to study what I like, to finally find myself walking on a path where I can face myself and say: I was not born into this, but I have chosen it, even though I hoped the path would not be the way it has come out to be in its details. Still I am certain that one does not get what their want, neither in knowledge nor in romance.
In my first year, time has passed like a bullet. I have watched millions get on the Tube with a single footstep, and get off it with a single footstep. In my first year, I danced for many hours in a three-story nightclub. I watched Christ’s crucifixion in Trafalgar Square, walked on a street more than five centuries old and sat on the edge of Ireland to see Scotland on the other side. In my first year I have visited Istanbul and Amman and sometimes stopped to contemplate some real and rare glimpses of beauty that London offers when it decides to abandon a little of its mechanical character.
In my first year, I feel that I did not do anything, and am still exactly where I was. In my first year, I have felt cold, felt love and loneliness and improved tremendously at making scrambled eggs with tomatoes. In my first year, I have become a better enemy to those that deserve my enmity, became sure of my constructive ignorance, and my hatred for hollow people. I have cursed myself and others.
In my first year, I have often wondered while watching the rain fall – just like I am watching it now make ripples on my window – where my constant desire to run away springs from. It is as if my desire to run away is the Nile River. It has been flowing for years without running dry. It does not stop or relent.
(Summer 2014)
© 2014 Mahmoud Omar
Mein erstes Jahr in London
Written in Arabic by Mahmoud Omar
Übersetzt ins Deutsche von Kerstin Wilsch
Das erste Jahr in London. Ein ganzes Jahr. Ich könnte auch sagen „vier Jahreszeiten“, wenn sie sich nicht so wenig voneinander unterscheiden würden. Der Winter ist der „Meister“, Sommer, Herbst und Frühling sind seine Söhne, die er auf kurze Missionen schickt, wohin es ihm einfällt, und zurückruft, wann immer er es will.
Das Flugzeug von Kairo war nicht ausgebucht. Ich hatte drei Plätze allein, für mich, meine Erwartungen und meine Pläne für die neue Stadt, von der ich von oben als erstes einen gelben Lichterteppich sah. Er glich den Lichtern der israelischen Siedlung Dugit, die ich so oft betrachtet hatte, wenn wir abends auf dem Dach Karten spielten.
Ich fotografierte den Anblick, der sich mir unter dem Flugzeug bot. Die Stadt lag da wie ein Leichnam. Immer wieder, wenn es mir in den Sinn kommt, betrachte ich auf meinem Handy diese Fotos. Sie zeigen einen großen schwarzen Teppich mit unendlich vielen Lichtpunkten. Selbst, als ich dringend Speicherplatz brauchte, habe ich die Aufnahmen nicht gelöscht. Lieber löschte ich andere Fotos und Kontakte. Schließlich war ich zum ersten Mal in meinem Leben mit einem Flugzeug geflogen!
Mein erster Londoner Morgen war weiß. Weiß und feucht am Boden haftend. Ich konnte ihn geradezu mit den Händen fassen. Hamza und ich waren auf dem Weg zur U-Bahnstation. „Lass mich kurz allein“, bat ich ihn, „ich möchte mich vergewissern, dass ich nicht durch die Seiten eines Romans laufe.“ Ich war beeindruckt. Aber wovon? Von einer ganz normalen Straße in East Acton, einem der einfachsten und für Touristen am wenigsten attraktiven Viertel Londons.
Meine Bitte an Hamza war ein Teil der Rechnung, die ich demütig bei mehr als einer Gelegenheit dafür zahlte, dass mir das Leben bis dahin nur wenig Bewundernswertes geboten hatte. Wie für ganze Generationen war auch für mich ein Ausflug vom Jabalia Camp nach Gaza-Stadt eine „Reise“, die gut geplant und vorbereitet werden musste. Ich zog meine beste Kleidung an, denn vielleicht würde sich ja eines der Mädchen aus Gaza, die wie ferne, unberührbare Sterne strahlten, Hals über Kopf in mich, den Jungen aus dem Flüchtlingslager, verlieben. Diese Misere begleitete mich viele Jahre. Wenn ich heute daran zurück denke, verspüre ich Bedrückung und ein Gefühl der Kapitulation. Doch was vorbei ist, ist vorbei.
Hamza lachte über meine Bitte. Es hätte wohl ein jeder darüber gelacht, wenn er sie gehört hätte, so wie ich heute lache, wenn ich mich an den Eindruck erinnere, den die Straßen auf mich machten, und daran, was ich vor einem Jahr alles mit nach London gebracht hatte. Ich hatte gedacht, ich sei Kairo „entkommen“, und vielleicht war das ja tatsächlich auch der Fall, aber mir selbst und London war ich nicht entkommen. Nach einem Jahr in London denke ich, dass mir diese Stadt, wenn sie es denn könnte, mit einem etwas schadenfrohen Lächeln sagen würde: „Es ist alles ganz anders, als du es erwartet hast, nicht wahr?“
Dieses Jahr hat viele Dinge in meinem Kopf geändert. Es hat mit ihm herumexperimentiert wie unser Nachbar Abu Ahmad mit den Automotoren in seiner rund um die Uhr geöffneten Werkstatt. Er griff in ihr Inneres und beugte sich so über sie, dass die Gesäßfalte über seinen Jeans sichtbar wurde. Er nahm auseinander und fügte wieder zusammen, fettete, zerschnitt, verband und rief seinem Mitarbeiter zu, Tee zu machen.
Ich verabschiedete mich von vielen alten Vorstellungen und öffnete die Tür für neue. Ich bedeutete ihnen einzutreten und wies ihnen den Weg ins Wohnzimmer. Dort hieß ich sie willkommen und bewirtete sie mit allem, was ich hatte, denn ich wusste, sie würden lange verweilen. Ich verlor Menschen und gewann andere. Das alles geschah plötzlich, in einem Augenblick, wie man so schön sagt. Es ist normal, dass sich Leute im Leben eines Menschen abwechseln, aber das geschieht gewöhnlich langsam und über längere Zeiträume verteilt. Aber hier passierte es intensiv und ohne Vorwarnung. Während ich mein erstes Jahr in London verabschiede, trage ich noch immer viele Enttäuschungen und Vorbehalte, Groll und Zorn, Entschuldigungen und Ängste mit mir herum. Doch ich bemühe mich nicht wirklich ernsthaft, sie loszuwerden.
Ich häufe sie an, wie meine Großmutter es mit allen Dingen tat. Sie steckte sie in Kisten, Fässer und Dosen und verstaute sie unter der Treppe: Zucker, Öl, sauer Eingelegtes, Mehl, Kupfergefäße, Kleidung, alles, was man sich nur vorstellen kann. „Das braucht man alles“, sagte sie immer. Jedesmal, wenn ich das Treppenhaus meines Lebens inspiziere, sage ich mir dasselbe.
In diesem ersten Jahr gab es Tage, an denen sämtliche Bestandteile meiner Identität herausgefordert wurden: meine Sprache, mein Palästinenersein und der Umstand, aus Gaza zu kommen. Aber ich denke, dass es mir gelungen ist, die Brücke irgendwie zu überqueren. Ich bin weder schnell noch sehr geschickt hinübergegangen und musste mich an beiden Seiten festhalten, um nicht zu fallen. Doch langsam, Schritt für Schritt, gelangte ich auf die andere, die reifere Seite.
Für diese Reife, pflegte mein Vater zu sagen, musste man zuerst einiges durchmachen. Wie wahr dieser Satz war, bekam ich nur allzu deutlich spüren. Immer, wenn ich wieder etwas einstecken musste und mir die Ressourcen ausgingen, die materiellen wie die emotionalen, musste ich reifer werden und meine Haut gegen eine dickere austauschen. Ich musste mir mehr Zeit lassen, bevor ich eine Meinung zu irgendeiner Sache äußerte, ganz gleich, wie bedeutend oder unbedeutend sie war. Und so wurde mein erstes Jahr in London ein Jahr des Reifens, obwohl ich es mir eher spielerisch und ruhig vorgestellt hatte.
In meinem ersten Jahr erfuhr ich, was Fremde bedeutete. Selbst nach drei Jahren in Kairo war dieses Wort für mich immer noch ein Fremdwort. In Kairo gab es Gedränge, Scheitern, Chaos, einen Fluß, Freunde, Lieder und einen schnellen Lebensrhythmus, aber die „Fremde“, von der ich als Kind in Familiengesprächen über Verwandte im Ausland gehört hatte, die gab es dort nicht.
Erst in London begegnete ich ihr. Unser erstes Rendevouz dauerte mehrere Monate. Wir müssen Hunderte Tassen Kaffee miteinander getrunken haben. Dabei redeten wir nur wenig und verbrachten die Zeit damit, einander zu beäugen. Am Anfang war diese Fremde wie ein Gespenst. Ich wollte nicht glauben, dass es sie gab. Sie war eine klassische Idee, vor der ich genauso floh wie vor schlechter Literatur.
Wie sollte ich mich auch fremd fühlen? Ich hatte mein Zuhause und das Leben dort vor vielen Jahren verlassen. Ich hatte das Reden der Leute und die Notwendigkeit, darauf Rücksicht zu nehmen, die Zigarettenpreise und ihre Erhöhung, die Stromkabel und die Stromunterbrechungen hinter mir gelassen. Den Wald aus Zement. Die engen Zimmer, die Trennung der Geschlechter, die geschlossenen Grenzen, das Auswendiglernen des Korans, das Aufklärungsflugzeug, geheuchelte Religiösitat und verborgene Genüsse. Ich hatte das alles zurückgelassen und mich so weit von ihm entfernt, bis es nur noch ein Punkt am Horizont war.
Und dennoch fühlte ich mich fremd, ganz schlicht und einfach. Ich entdeckte, dass all das, was ich hinter mir gelassen hatte, mich nicht verlassen hatte. Es haftete an mir wie ein hungriges Kind an seiner Mutter. Es verfolgte mich und führte dazu, dass ich noch mehr, als ich die Welt zu sehen wünschte, sie jenen zeigen wollte, die ich liebte.
Ich vertiefte mich ins Lesen und Lernen; das half mir, das Gefühl der Fremde zu verdrängen. Es war zugleich eine wichtige Veränderung für mich in diesem ersten Jahr: zu lesen und lernen, was ich wollte, endlich einen Weg einzuschlagen, auf dem ich mich mit mir selbst auseinandersetzen konnte, und zu sagen: Diesen Weg habe ich gewählt, er wurde nicht mit mir geboren. Ich hatte ihn mir zwar etwas anders vorgestellt, aber war mir auch klar, dass man nie genau das bekommt, was man sich wünscht – weder in Bezug auf Erkenntnisse noch auf Gefühle.
In meinem ersten Jahr in London verging die Zeit wie im Flug. Ich sah Millionen mit einem Schritt die Metro besteigen und mit einem Schritt wieder verlassen. Ich tanzte stundenlang in einem dreistöckigen Klub, sah, wie Jesus am Trafalgar Square gekreuzigt wurde, lief auf einer Straße, die mehr als fünf Jahrhunderte alt ist, und saß an der Küste von Irland, um Schottland auf der anderen Seite zu sehen. In meinem ersten Jahr reiste ich nach Istanbul und Amman und verweilte manchmal, um einige seltene Momente wahrer Schönheit zu genießen, die London einem bot, wenn es beschlossen hatte, für ein paar Minuten weniger kalt und unverbindlich zu sein.
In meinem ersten Jahr in London hatte ich das Gefühl, nichts zu vollbringen und mich nicht von der Stelle zu bewegen. Ich erlebte Kälte, Liebe und Einsamkeit und machte Riesenfortschritte bei der Zubereitung von Schakschuka. In meinem ersten Jahr wurde ich ein besserer Feind für die, die meine Feindschaft verdienten, und vergewisserte mich meiner konstruktiven Unwissenheit und meines Hasses für Hohlköpfe. Ich verfluchte mich selbst und die anderen.Und ich fragte mich immer wieder, während ich wie jetzt den Regen betrachtete, der Wellen auf meinem Fenster schlug, woher mein ständiger Wunsch rührte, davonzulaufen. Dieser Wunsch war wie der Nil, der seit vielen Jahren unaufhörlich dahinfließt, unversiegbar und unnachgiebig.
(Sommer 2014)
© 2014 Mahmoud Omar
© 2016 Specimen
Other
Languages
Your
Tools